فصل: ملك الملك الرحيم بن أبي كاليجار ومواقعه.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.موت أبي كاليجار.

ولما رأى أبو كاليجار استيلاء طغرلبك على البلاد وأخذه الري وأصفهان وهمذان والجيل من قومه وإزالة ملكهم راسله في الصهر والصلح بأن يزوجه ابنته وزوج داود أخو طغرلبك ابنته من أبي منصور بن أبي كاليجار وانعقد ذلك بينهما في منتصف تسع وثلاثين وأربعمائة وكتب طغرلبك إلى أخيه إبراهيم نيال عن العراق وأعماله ابن سكرستان من الديلم وقرر عليه مالا فطاول في حمله ورافع فشكر له أبو كاليجار وانتزع من يده قلعة يزدشير وهي تعلقه ثم استمال أجناده فقتلهم بهرام واستوحش فسار إليه أبو كاليجار وانتهى إلى قصر مجامع من خراسان فطرقه المرض وضعف عن الركوب فرجعوا به إلى مدينة خبايا وتوفي بها في جمادى الأول سنة أربعين وأربعمائة لأربع سنين وثلاثة أشهر من ملكه العراق.
ولما توفي نهب الأتراك خزائنه وسلاحه ودوابه وانتقل ولده أبو منصور فلاستون إلى مخيم الوزير أبي منصور وكانت منفردة عن العسكر فأقام عنده واختلف الأتراك والديلم وأراد الأتراك نهب الأمير والوزير فمنعهم الديلم واختلفوا إلى شيراز فملكها الأمير أبو منصور وامتنع الوزير بقلعة حزقه وبلغ وفادة أبي كاليجار إلى بغداد وبها ابنه أبو نصر فاستخلف الجند وأمر القائم بالخطبة على عادة قومه وسأل أن يلقب بالرحيم فمنع الخليفة من ذلك أدبا ولقبه به أصحابه واستقر بالعراق وخوزستان والبصرة.
وكان بالبصرة أخوه أبو علي فأقره عليها ثم بعث أخاه أبا سعد في العساكر في شوال من السنة إلى شيراز فملكها وخطبوا له بها وقبضوا على أخيه أبي منصور وأمه وجاؤا بهما إليه وكان الملك العزيز بن جلال الدولة عند إبراهيم نيال لحق به بعد مهلك أبيه فلما مات أبو كاليجار زحف إلى البصرة طامعا في ملكها فدافعه الجند الذين بها وبلغه استقامة الملك ببغداد للرحيم فأقطع وذهب إلى ابن مروان فهلك عنده كما مر.

.ملك الملك الرحيم بن أبي كاليجار ومواقعه.

قد تقدم لنا أن أبا منصور فلاستون بن أبي كاليجار سار إلى فارس بعد موت أبيه فملكها وأنه بعث أخاه أبا سعيد بالعساكر فقبضوا عليه وعلى أمه ثم انطلق ولحق بقلعة إصطخر ببلاد فارس فسار الملك الرحيم من الأهواز في اتباعه سنة إحدى وأربعين وأطاعه أهل شيراز وجندها ونزل قريبا منها ثم وقع الخلاف بين جند شيراز وبين جند بغداد وعادوا إلى العراق فعاد معهم الملك الرحيم لارتيابه بجند شيراز وبعث الجند والديلم جميعا ببلاد فارس إلى أخيه فلاستون ولما عاد استخلف العساكر وسار إلى أرجان عازما على قصد الأهواز وعاد الملك الرحيم للقائه من الأهواز في ذي القعدة من السنة واقتتلوا وانهزم الملك الرحيم وعاد إلى واسط منهزما وسار بعض إلى الملك الرحيم يستجيشون به للرجوع إلى فارس فأرسل إلى بغداد واستنفر الجند وسار إلى الأهواز فبلغه طاعة أهل فارس وأنهم منتظرون قدومه فأقام بالأهواز ينتظر عساكر بغداد ثم سار إلى عسكر مكرم فملكها سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة ثم اجتمع جمع من العرب والأكراد مقدمهم طراد بن منصور مذكور بن نزار فقصدوا ارف فنهبوها ونهبوا درق وبعث الملك الرحيم بعساكره في محرم سنة ثلاث وأربعين فهزموا العرب والأكراد وقتل مطارد وأسر ابنه واسترد النهب وبلغ الخبر إلى الملك الرحيم وهو بعسكر مكرم فتقدم إلى قنطرة أربق ومعه دبيس بن مزيد والبساسيري وغيرهما ثم سار هزار شب بن تنكر ومنصور بن الحسين الأسدي بمن معهما من الديلم والأتراك من أرجان إلى تستر فسابقهم الملك الرحيم فكان الظفر له ثم زحف في عسكر إلى رامهرمز وبها أصحاب هزار شب فهزموهم وأثخنوا فيهم وتحيزوا إلى رامهرمز في طاعة الملك الرحيم ثم قبض هزار شب عليهم ورسل إلى الملك الرحيم بطاعته فبعث أخاه أبا سعيد إليه فملك إصطخر وخدمه أبو نصر بعسكره وماله وأطاعته جموع من عساكر فارس من الديلم والترك والعرب والأكراد وحاصروا قلعة بهندر فخالفه هزارشب ومنصور بن الحسين الأسدي إلى الملك الرحيم فهزموه.
وفارق الأهواز إلى واسط وعاد إلى سعد بشيراز فقاتلهم وهزمهم ثم عاودوا القتال فهزمهم وأثخن فيهم واستأمن إليه كثير منهم وصعد فلاستون إلى قلعة بهندر فامتنع بهما وأعيدت الخطبة للملك الرحيم بالأهواز ثم مضى فلاستون وهزار شب إلى إيدج وبعثوا بطاعتهم إلى السلطان طغرلبك واستمدوه وبعث إليهم العساكر والملك الرحيم بعسكر مكرم وقد انصرف عنه البساسيري إلى العراق ودبيس بن مزيد والعرب والأكراد وبقي معه ديلم الأهواز وأنزل بغداد فسار من عسكر مكرم إلى الأهواز وحاصروه بها فبعث أخاه أبا سعد صاحب فارس حين طلبه صاحب إصطخر ليفت في عضد فلاستون وهزار شب ويرجعوا عنه فلم يهجهم ذلك وساروا إلى الأهواز وقاتلوه فهزموه ولحق في الفل بواسط ونهبت الأهواز وفقد في الوقعة الوزير كمال الملك أبو المعالي بن عبد الرحيم وكانت السلجوقية قد ساروا إلى فارس فاستولى ألب أرسلان ابن أخي طغرلبك على مدينة نسا وعاثوا فيها وذلك سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة ثم ساروا سنة أربع وأربعين وأربعمائة إلى شيراز ومعهم العادل بن ماقته وزير فلاستون فقبضوا عليه وملكوا منه ثلاث قلاع وسلموها إلى أبي سعد أخي الملك الرحيم واجتمعت عساكر شيراز فهزموا الغز الذين ساروا إليها وأسروا بعض مقدمهم ثم ساروا إلى نسا وقد كان تغلب عليها بعض السلجوقية فأخرجوهم عنها وملكوها.